تجاهلت شركة أرامكو االسعودية تداعيات الوباء التي كلفتها تراجعا كبيرا في أرباحها جراء انهيار الطلب العالمي على النفط وتهاوي أسعاره في أعقاب إجراءات لمكافحة فايروس كورونا التي تسببت في فقدان الخام لأكثر من ثلثي قيمته.
وتراجعت أرباح أرامكو السعودية بنسبة 73.4 في المئة في الربع الثاني من 2020 على خلفية انخفاض أسعار النفط بسبب إجراءات الحماية من فايروس كورونا المستجد، لكن الشركة النفطية تراهن على انتعاش جزئي مع إعادة فتح الاقتصادات.
وبلغت أرباح أكبر شركة نفطية في العالم بحسب بيان نشرته على موقع سوق “تداول” المالي المحلي الأحد 24.62 مليار ريال سعودي (نحو 6.6 مليار دولار) مقابل 24.7 مليار دولار في الفترة ذاتها من 2019، أي بتراجع بلغ 73.4 في المئة.
وكانت أرامكو أعلنت في مايو الماضي عن تراجع صافي أرباحها في الربع الأول من العام بنسبة 25 في المئة جرّاء انخفاض أسعار الخام لتبلغ 16.66 مليار دولار مقارنة بـنحو 22.2 مليار في الربع ذاته من 2019.
وبذلك بلغت أرباح أرامكو في النصف الأول من العام الحالي 23.2 مليار دولار مقارنة بـ46.9 في المئة في العام الماضي، أي بتراجع إجمالي وصل إلى 50.4 في المئة. وقال رئيس أرامكو السعودية وكبير إدارييها التنفيذيين أمين الناصر إنّ “الظروف غير المواتية الناتجة عن تراجع الطلب وانخفاض أسعار النفط الخام انعكست على نتائجنا للربع الثاني”.
لكنّه ذكر أن سوق الطاقة “تشهد انتعاشا جزئيا بالتزامن مع بدء مختلف الدول حول العالم في اتخاذ خطوات لتخفيف القيود وإعادة إنعاش اقتصاداتها”. وأضاف “رغم الظروف فإننا حققنا أرباحا قوية، ويُعزى ذلك إلى المتانة المالية والتشغيلية، وتكاليف الإنتاج المنخفضة، ونطاق الأعمال الفريد، وكفاءة مواردنا البشرية”.
وهبطت أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها في مارس وأبريل بعدما خسرت نحو ثلثي قيمتها على خلفية الطلب الضعيف جراء إجراءات الإغلاق المرتبطة بفايروس كورونا المستجد، قبل أن تعاود الانتعاش بشكل جزئي مؤخرا مع إعادة فتح الاقتصادات.
وتوصّلت الدول المنتجة للنفط إلى اتفاق لخفض الإنتاج في أبريل بنحو 9.7 مليون برميل بهدف محاولة تحقيق التوازن بين العرض والطلب في السوق لرفع الأسعار، في أعقاب حرب أسعار بين السعودية، أكبر مصدر للخام في العالم، وروسيا.
ووصل إنتاج السعودية إلى مستوى 12.3 مليون برميل وهو غير مسبوق، قبل أن يتراجع إلى 8.5 مليون برميل في مايو بفعل اتفاق خفض الإنتاج وإلى 7.5 مليون برميل يوميا في يونيو الماضي.
وتأثرت أرباح الشركة النفطية أيضا بتسجيل “سابك” السعودية العملاقة للصناعات البتروكيميائية التي استحوذت عليها أرامكو، خسائر في الربع الثاني لعام 2020 وذلك للفصل الثالث على التوالي. والعام الماضي أعلنت أرامكو، ثاني أكبر الشركات المدرجة في البورصة بعد أبل الأميركية، عن تراجع أرباحها السنوية بنسبة 20.6 في المئة لتصل إلى 88.2 مليار دولار بسبب انخفاض أسعار الخام ومستويات الإنتاج.
ولا تزال الرحلات الدولية معلّقة منذ أشهر في السعودية التي تواجه مصاعب اقتصادية كبيرة. وقامت المملكة أيضا بتعليق العمرة وتقليص أعداد الحجاج من 2.5 مليون شخص إلى بضعة آلاف في مكة المكرمة.
ويتوقّع صندوق النقد الدولي أن ينكمش إجمالي الناتج المحلي للسعودية بنسبة 6.8 في المئة هذا العام، في أسوأ أداء له منذ ثمانينات القرن الماضي. وأُدرجت أرامكو في السوق المالية المحلية “تداول” في ديسمبر الماضي بعدما باعت 1.5 في المئة من أسهمها، في أكبر عملية اكتتاب في التاريخ تراوحت بين 25.6 و 29.44 مليار دولار.
والاكتتاب العام لأكثر شركات العالم تحقيقا للأرباح بعد أبل، هو حجر الزاوية في برنامج الإصلاح الاقتصادي لولي العهد محمد بن سلمان في إطار مخطط “رؤية 2030” ويسعى إلى استقطاب عشرات مليارات الدولارات لتمويل مشاريع ضخمة بهدف تنويع الاقتصاد المرتهن بالنفط.
ومنذ بدء إنتاجها النفطي في العام 1938 عندما تم اكتشاف الذهب الأسود بكميات تجارية من بئر الخير، حققت شركة النفط العملاقة أرامكو ثروات تفوق الخيال للمملكة الصحراوية. وفي ظل انخفاض أسعار الخام، تتطلع أرامكو إلى خفض ميزانيتها لعام 2021 بنسبة 8 إلى 10 في المئة، حسب مجموعة إنيرجي إنتليجنس.
وقالت أرامكو إنها تتوقع أن تكون النفقات الرأسمالية بين 25 و30 مليار دولار هذا العام، في تراجع عن مستوى 32.8 مليار دولار في عام 2019. وواجهت الشركة منذ إدراجها تحدّيات كبرى في الأسواق العالمية مع خسارة الخام نحو ثلثي قيمته.
73.4 في المئة نسبة خسائر أرامكو خلال الربع الثاني من 2020 نتيجة انخفاض أسعار النفط
ورغم ذلك، قال الناصر الأحد إنّ الشركة ستوزّع أرباحا بقيمة 18.75 مليار دولار على أن يتم تسديدها في الربع الثالث، مشددا على أن المجموعة عازمة على “الخروج من هذه الجائحة أكثر قوة”. وكانت لدى أرامكو سيولة بقيمة 60 مليار دولار حتى نهاية 2019 إضافة إلى ديون بحوالي سبعة مليارات دولار متوقعة في 2020.
وهبط خام القياس العالمي برنت نحو 65 في المئة في الأشهر الثلاثة الأولى من العام قبل أن تتفق أوبك+ على تقليص إمداد النفط بمقدار غير مسبوق عند 9.7 مليون برميل يوميا من أول مايو لتعويض تأثير الفايروس على الطلب ودعم الأسعار.
وشهدت أرامكو مديونية سالبة بلغت سالب 0.2 في المئة في نهاية 2019، لكن في ضوء الحقائق الجديدة، يقول المحللون إن أرامكو ربما تحتاج إلى الاستدانة هذا العام، وقد يشهد صافي مديونيتها، وهو صافي الدين مقسوما على رأس المال في الميزانية العمومية، ارتفاعا ليقترب أكثر من مستوياته لدى شركات النفط الكبرى الأخرى. ولم يذكروا أي توقعات لدين أرامكو.
وبحسب متوسط تقديرات محللين لدى بنك الاستثمار المصري والمجموعة المالية هيرميس والراجحي كابيتال السعودية وأرقام كابيتال التي مقرها دبي، ستعلن أرامكو عن صافي ربح بقيمة 17.8 مليار دولار لربع السنة، مقارنة مع 20 مليار دولار للربع الرابع من العام الماضي.
المصدر : https://translogisinfo.com/?p=7033