يتعرض صانعو الإطارات لضغوط لإعادة ابتكار الجزء الأساسي من السيارة بشكل حرفي تقريبا بعدما تحول التركيز على ما تسببه من تلوث في الفترة الأخيرة مع ظهور المركبات الكهربائية ويهدد بتقويض أوراق اعتمادها.
وعندما تتلامس الإطارات مع الطريق، تتآكل وتنبعث منها جزيئات صغيرة. ويعني الوزن الزائد للمركبات الكهربائية المرتبطة ببطارياتها أن هذا الشكل من التلوث الذي لم تتم مناقشته كثيرا أصبح مشكلة أكبر.
وفي خضم ذلك يحاول كبار المنتجين بما في ذلك غوديير وبريدجستون وميشلان وكونتيننتال درء المنافسة من المنافسين الصينيين الأرخص.
ويعتقد الخبراء أن السعي وراء تنظيف وسائل النقل يتجاوز ما هو موجود تحت غطاء المحرك، ليصل إلى ابتكار إطارات مستدامة لجعلها هي السائدة في غضون ثلاثة عقود من الآن.
لكن بالنظر إليها عن قرب يتم اكتشاف أن التصميم والتفاعُل بين مختلف المواد، التي تدخل في صنعها، يشكلان عملية معقَّدة جدا.
ويقول غانلاوغور إيرليندسون الرئيس التنفيذي لشركة إنسو الناشئة البريطانية، والتي طورت إطارات أكثر متانة خصيصا للمركبات الكهربائية وتؤجر الإطارات التي تأخذها لإعادة تدويرها في نهاية عمرها الافتراضي “إنها ليست عاصفة مثالية تماما، لكنها قريبة”.
وتظهر الأبحاث الناشئة سمّية الإطارات، التي تحتوي في المتوسط على حوالي 200 مكون ومادة كيميائية، غالبًا ما تكون مستمدة من النفط الخام.
وفي حين يقول النقاد إن الإطارات تحتوي على العديد من المواد الكيميائية السامة والمسرطنة، إلا أنه حتى الآن لا يوجد سوى إجماع حول مادة واحدة فقط هي بي.بي.دي 6، وهو مضاد للأكسدة ومضاد للأوزون موجود في جميع الإطارات ويقلل من التشقق.
وفي محاولة جادة تسعى الجهات التنظيمية في ولاية كاليفورنيا الأميركية لحث الشركات على إيجاد بديل لهذه المادة، كما وضع الأوروبيون لوائح الانبعاثات “يورو 7” تتضمن معايير للإطارات للمرة الأولى.
ومما يزيد من تفاقم التحديات، أن الشركات المصنعة ستحتاج إلى تطوير إطارات تنبعث منها كميات أقل من المركبات الكهربائية الثقيلة، والتي ذكرت ميشلان وغوديير أنها يمكن أن تتآكل إطاراتها بشكل أسرع بنسبة تصل إلى 50 في المئة.
وتصدر من إطارات إنسو انبعاثات أقل بنسبة 35 في المئة من إطارات السيارات الكهربائية الفاخرة من كبرى الشركات المصنعة.
وأكد إيرليندسون أن النتيجة غير المقصودة للسيارات الكهربائية هي “سنعاني من المزيد من تلوث الإطارات ما لم تكن لدينا إطارات أفضل”. وأوضح أن السبب في ذلك هو أن اعتمادها على مواد عالية الجودة وأكثر تكلفة يجعلها أكثر متانة.
وبينما ترفض بريدجستون وغوديير مناقشة تحديات الانبعاثات في الصناعة إلا أن ميشلان وكونتيننتال وبيريللي قالت مؤخرا إنها تبحث عن بدائل لمادة بي.بي.جي 6 مع إضافة ميشلان وكونتيننتال إلى أن العمل الجماعي في الصناعة قد يكون ضروريا لإيجاد حلول.
ويعتقد المطورون في ميشلان أن الشركة تريد المعايير العالمية لإخراج الإطارات ذات الانبعاثات العالية، والتي عادة ما تكون أرخص من السوق، فيما يؤيد نظراؤهم في كونتيننتال معيارًا عالميًا للتآكل مع وضع علامات شفافة للمستهلكين.
وقال نك مولدن الرئيس التنفيذي لشركة إيميشنز أناليستس المتخصصة في الاختبارات إن “النهاية القذرة” لقائمة الإطارات التي اختبرتها الشركة هي “واردات صينية رخيصة” شائعة في السوق الأوروبية.
وتظهر الاختبارات من تحليلات الانبعاثات أن الإطارات الجديدة التي تم تطويرها حتى الآن من غير المرجح أن تحل المشكلة.
ومع أن إطارات دراجات كونتيننتال مصنوعة باستخدام نباتات الهندباء انخفاضا بنسبة 24.5 في المئة في المواد العطرية المسرطنة التي تساعد السيارات على السير على الطريق فإن المواد الكيميائية الموجودة في الجزيئات التي تنبعث منها تكون سامة بشكل عام.
وبينما يؤكد مولدن “أنهم سيئون بشكل مختلف”، ترى كونتيننتال أن إطارات الهندباء الخاصة بها تم تطويرها لإيجاد شكل مستدام من المطاط الطبيعي، وكانت بمثابة تركيز منفصل لمعالجة ما تتركه مادة بي.بي.دي 6.
وقال توماس كرامر رئيس قسم التآكل في شركة كونتيننتال “إنها مسؤوليتنا الاهتمام بهذا الأمر وإيجاد حل” لمشكلة بي.بي.دي 6.
وتظهر الأبحاث التي تم تطويرها خلال الحرب الكورية أنه عندما يتفاعل بي.بي.دي 6 مع الأكسجين أو الأوزون فإنه يشكل بي.بي.دي 6 كينون، والذي تم إلقاء اللوم عليه في الوفيات الجماعية لسمك السلمون قبالة الساحل الغربي للولايات المتحدة.
لكن صانعي الإطارات يتمسكون بموقفهم وهو أن العثور على بديل لبي.بي.دي 6 أمر صعب لأن أي مادة كيميائية جديدة يجب أن تمنع تدهور الإطارات وتشققها دون التأثير على الخصائص الأخرى.
وقال آدم مكارثي الأمين العام للاتحاد الأوروبي لتصنيع الإطارات والمطاط إن “الإطارات تمثل حلا وسطا” بين السلامة والضوضاء والتعامل والتآكل.
ويؤكد إرليندسون ذلك، مشيرا إلى أن الصناعة يمكن أن يكون لديها حل في السوق في غضون خمس سنوات إذا تم الدفع بها، ولكن بثمن.
ولتحويل التركيز من انبعاثات العوادم، يعمل المنظمون في الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة على لوائح يورو 7 للحد من الانبعاثات الناتجة عن الفرامل والإطارات. ويقول المشرعون الأوروبيون إنه يمكن الاتفاق عليها في أقرب وقت من العام المقبل.
ومن المتوقع أن تصبح جزيئات الإطارات أكبر مصدر للمواد البلاستيكية الدقيقة التي قد تضر بالحياة المائية بحلول عام 2050، حسبما أظهرت البيانات المعدة للمفوضية الأوروبية.
وقال سيريل روجيه مدير الاتصالات الفنية والعلمية، إن “تقديرات ميشلان تشير إلى أن الإطارات على مستوى العالم تنبعث منها حوالي 3 ملايين طن من الجزيئات سنويًا، وتنتج 3 ملايين طن أخرى من الجزيئات من أسطح الطرقات”.
وتظهر اختبارات ميشلان أنه إذا كنت تقود لمسافة 200 ألف كيلومتر سنويًا باستخدام إطاراتها، فسوف تنبعث منها حوالي 1.5 كيلوغرام من الجزيئات، مقارنة بمتوسط السوق البالغ 3.6 كيلوغرام.
ولإطارات المنافسة الأسوأ أداءً التي اختبرتها ميشلان حتى الآن تنبعث منها حوالي 8 كيلوغرامات سنويًا.
وتركز ميشلان وكونتيننتال بالفعل على جعل إطاراتهما أكثر متانة، حيث خفضت ميشلان انبعاثات إطاراتها بنسبة 5 في المئة بين عامي 2015 و2020.
وتعتقد كونتيننتال أن المطاط الطبيعي مادة مستدامة، لكن فقط إن تم الحصول عليه بأساليب مسؤولة، وهي تعمل على استخلاص المطّاط الطبيعي للأغراض الصناعية من نبتة الهندباء التي يتم زرعها بطريقة خاصّة.
السيليكا تساعد على تعزيز مجموعة من الخصائص في الإطارات مثل التماسك ومقاومة الدوران وكذلك إطالة عمر الإطار
وعليه، تعتمد توجها متكاملا يهدف إلى تعزيز الاستدامة ضمن سلاسل إمداد المطّاط الطبيعي، والتي تكون عادة معقَّدة وغير مترابطة.
ويتضمّن الأمر استعمال التقنيات الحديثة المتطوّرة جدا، والانخراط عن قرب في الأنشطة المحلّية ذات الصلة، والتعاون الوثيق مع الشركاء من أصحاب القدرات البارزة بهدف تحسين مستويات الشفافية وقابلية التعقُّب ضمن كامل سلسلة القيمة.
وإلى جانب المطّاط تُعد المواد المالئة أساسية في صناعة الإطارات، فمادة السيليكا مثلا تساعد على تعزيز مجموعة من الخصائص مثل التماسك ومقاومة الدوران وكذلك إطالة عمر الإطار.
لكن مولدن يرى أن التحول إلى المركبات الكهربائية يعني أن صانعي الإطارات سيضطرون إلى تطوير إطارات أكثر متانة وهو تحد صعب بدون المطاط الطبيعي، والذي سيكون من الصعب تطويره بشكل مستدام بما يكفي لدعم الصناعة بأكملها.
المصدر: صحيفة العرب اللندنية
المصدر : https://translogisinfo.com/?p=14719