يتزايد تركيز مصنعي السيارات في ظل الطفرة التكنولوجية على ابتكار حلول أكثر نجاعة للمركبات ذاتية القيادة بحيث تجعلها تجتاز كافة المطبات، التي قد تعرقل الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في الجيل القادم من الطرازات الذكية بعد سلسلة إخفاقات تعرضت لها الأجيال السابقة خلال السنوات القليلة الماضية.
سيول – يعتبر التنافس على كيفية ابتكار حلول ذكية تنسجم مع التنقل النظيف مع العمل على الاستفادة من السيارات ذاتية القيادة، التي ستظهر في العقد المقبل بإقحامها في قطاعات تجارية، أمرا مثيرا للاهتمام.
ويجسد عملاق صناعة السيارات الكورية الجنوبية، هيونداي، قمة الرفاهية في رؤيته لمستقبل السلامة والتواصل في تلك المركبات، والتي يُراهن عليها كثيرا بأن تكون هي السائدة خلال بضع سنوات.
وكشفت هيونداي مؤخرا المرحلة الأولى لتكنولوجيا جديدة ومتقدمة لسلامة الركاب للمساعدة في الحد من مخاطر إصاباتهم في تلك السيارات.
وفي نشرة على موقعها الإلكتروني، أوضحت الشركة أن التقنية الجديدة عبارة عن “خوارزمية حسابية” تعمل على تحسين أداء أجهزة السلامة، ومصممة خصيصا لظروف المركبات ذاتية القيادة.
وتستخدم المركبات ذاتية القيادة تقنيات متقدمة كالكاميرات المثبتة وأجهزة الاستشعار لتحديد عوامل الخطر وتقليل احتمالية وقوع الحوادث بشكل كبير.
وانتقلت نقاشات مصنعي السيارات في العامين الماضيين حول مسألة الإفراط في الاعتماد على الذكاء الاصطناعي، والذي بات يهيمن على القطاع بأكمله في الوقت الحالي، إلى مرحلة متقدمة لا يمكن لأحد التكهن كيف ستكون.
وتقف القرارات، التي يتخذها الذكاء الاصطناعي، وتجاهل أوامر السائقين في السيارات ذاتية القيادة، عائقا أمام استخدام التقنيات بشكل كامل لأن التأخر في معالجة المخاطر المحتملة قد يتسبب في كوارث.
ويفسر القلق من استخدام هذه التكنولوجيات بكونها لا تستند إلى بيانات تتناسب مع الإدراك البشري باعتبار أن عمليات اتخاذ القرار غير خاضعة للتوقع وتعتمد على الاحتمالات.
وعلى الرغم من ذلك فقد أكد الباحثون الحاجة إلى ضوابط متخصصة لنظام السلامة، يتم تكييفها لتناسب طبيعة هذه المركبات، كخطر عبور المركبات الأخرى خط الوسط أثناء القيادة على الطريق، أو الظهور المفاجئ لمخاطر أو عوائق أخرى.
ولذلك قامت هيونداي بابتكار الخوارزمية الحسابية للتحكم بشكل أكبر في سلامة المركبات ذاتية القيادة، والتي تهدف إلى الحد من مخاطر الحوادث والتخفيف من آثارها.
ويأتي دور الخوارزمية بعد أن تقوم المركبة ذاتية القيادة بتقليل سرعتها أو تغير اتجاهها لتجنب خطر ما أو عند ظهور عقبة مفاجئة.
التقنية الجديدة عبارة عن خوارزمية حسابية تعمل على تحسين أداء أجهزة السلامة ومصممة خصيصا لظروف المركبات ذاتية القيادة
وتحسب الخوارزمية الحركات المتوقعة للركاب عندئذ بحيث تمكن هذه الحسابات النظام من تحسين استخدام أجهزة السلامة على متن المركبة، مثل الوسائد الهوائية وشد أحزمة المقاعد.
وكانت هيونداي قد اختبرت مجموعة من سيناريوهات القيادة الذاتية ووجدت أنه في حالة محاولة أي مركبة تجنب العوائق التي تعترضها أثناء القيادة، يفقد الركاب توازنهم حتى قبل الاصطدام بالعائق.
وفي هذه الحالات يتحرك الراكب من المكان المناسب ولا يستفيد من فتح الوسادة الهوائية كونه في مكان آخر غير المفترض، مما يقلل من الحماية المفترضة له.
لكن مع تطبيق الخوارزمية الجديدة، تتم عمليات فتح الوسائد الهوائية وشد حزام المقعد بشكل أكثر فعالية لتوفير حماية أكبر للركاب.
كما قللت الخوارزمية الجديدة زاوية حركة الراكب من خلال شد حزام المقعد لحظات ما قبل الاصطدام، فأدى ذلك إلى استقرار وضع الراكب وتوفير المزيد من الحماية، لاسيما مع تفعيل الوسائد الهوائية الجانبية في وقت التصادم.
وفي السيناريو، الذي تقوم فيه المركبة ذاتية القيادة بالتوقف لتجنب العائق على نحو ناجح، تقوم الخوارزمية بشد أحزمة المقاعد مسبقا لتقليل خطر الإصابة طالما أنه لا يزال هناك احتمال حدوث اصطدام.
وستطبق هيونداي الخوارزمية الجديدة مستقبليا على مجموعة من المركبات ذاتية القيادة، لكن الشركة لم تكشف بالتدقيق مع من ستتعامل.
وقال رئيس مجموعة تطوير السلامة المتكاملة في قسم الأبحاث والتطوير في الشركة ووك جين نا إنه “إلى جانب تطوير المركبات ذاتية القيادة، تعمل هيونداي على تطوير تقنيات جديدة للسلامة لزيادة السلامة”.
وتابع “وحتى لو كانت مركباتنا ذاتية القيادة المستخدمة للتنقل والسفر آمنة تماما ومهيئة لتجنب الاصطدام، فسوف تساعدنا تقنيات الأمان الجديدة، التي طورناها في إنتاجنا المستقبلي من مركبات ذاتية القيادة المشتركة ومركبات متعددة الأغراض المستقلة”.
واستحوذت تكنولوجيا السيارات ذاتية القيادة وتقنيات الذكاء الاصطناعي على اهتمام كبير من جانب المستهلكين وأيضا من جانب المستثمرين والأوساط العلمية والتكنولوجية، لكن الحادث، الذي جد قبل عامين في الولايات المتحدة ألقى بظلال الشكّ على سلامة هذه السيارات.
وأصبح يوم 23 مارس 2018 نقطة تحوّل في هذه الصناعة، بعدما اصطدمت سيارة تسلا موديل اكس بحاجز معدني على طريق سريع بالقرب من مدينة ماونتن فيو في ولاية كاليفورنيا. وقد توفي السائق في المستشفى متأثرا بإصابته.
ومع أن المطورين يرون أن الأنظمة الرقمية المساعدة للسائق تعتبر ثورة في مجال تحسين تجربة القيادة الذكية على الطرق إلى جانب مساهمتها الكبيرة في التقليل من حوادث السير، لكن خبراء يعتقدون أن الطريق لا يزال مليئا بالمطبات قبل بلوغ الأهداف المرجوة.
وخلال الفترة الأخيرة، وجه المختصون أصابع الاتهام لهذه التقنيات المتطورة وأكدوا أنها مسؤولة في مراحل معينة عن تشتيت انتباه السائق، الأمر الذي يضرب في العمق أهم وظيفة ابتكرت من أجلها هذه الأنظمة وميزتها الأكبر وهي ضمان سلامة السائق، إذ تبين أنها يمكن أن تكون مسؤولة عن وقوع حوادث سير.
وأشارت عدة دراسات إلى أن الأنظمة الإلكترونية لمساعدة قائد السيارة تؤدي في الكثير من الأحيان إلى تشتيت تركيزه مما يزيد من احتمالات وقوع حوادث.
ويشترط منتجو السيارات ذاتية القيادة أن يضع السائق يديه على المقود ليستمر في السيطرة على الطريق رغم أنه لا يتحكم في أي شيء، غير أن المهندسين في شركة نيسان اليابانية فاجؤوا منافسيهم عندما قالوا في مايو العام الماضي إن لديهم رأيا مختلفا.
وجاءت تلك الخطوة عندما أعلن رئيس إدارة أنظمة القيادة الذاكية في نيسان، تيسوا إيدزيما، عن ظهور الجيل الثاني لنظام بروبيلوت، والذي سيجعل السائق مجرد راكب كغيره من الركاب.
وسيكون الجيل القادم من سيارات الشركة، التي تشكل مثلث تحالف رينو الفرنسية وميستوبيشي اليابانية، مزودا بحزمة من التكنولوجيات الحديثة كأول نظام على مستوى العالم أطلق عليه اسم “الأيدي الحرة”.
المصدر : https://translogisinfo.com/?p=4911