يعتبر النقل الحضري من القطاعات الحيوية بالنسبة لعموم المستهلكين ،ويمثل أهمية بالغة في اقتصاديات جميع البلدان في عصرنا الراهن بحكم ارتباطه بتوفير،وتأمين حركية النقل و التنقل كعنصر ضروري لضمان السير العادي لمرافق البلاد في القطاعين العام والخاص على حد سواء. ومن هذا المنطلق يحرص عدد كبير من الدول بمختلف نماذجها واختياراتها الاقتصادية على الحفاظ على طابعه العمومي بالنظر إلى الخطورة التي قد تنطوي عليها الخوصصة في هذا المجال،من دون قيود تضمن طابع التعميم،وعدم الاقصاء والاستمرارية،ومعايير الجودة،والحفاظ على القدرة الشرائية،لكونه يشكل عصب الاقتصاد الوطني،وقد أبانت التجارب،في بلادنا كيف آلت أوضاعه على يد الخواص من خلال تتبع العديد من تجارب الجماعات الحضرية في سياق نماذج متنوعة للتدبير المفوض آلت جلها،أو بمجملها إلى الباب المسدود ،وبدل أن تحقق الأهداف التي رسمت لها،فإنها،على العكس من ذلك أدت إلى شل دينامية هذا القطاع الاقتصادي،وعرقلة مسيرة التنمية المحلية،وعلى هذا الأساس فإن الجمعية المغربية لحماية وتوجيه المستهلك،والتي تحرص دوما على الإصغاء لهموم وشكاوى المستهلكين،وتمثيلهم،وتوعيتهم بحقوقهم وبسبل الدفاع عنها،طبقا للقوانين الجاري بها العمل،ووفقا لفصول الدستور تعلن مايلي:
1- استنكار وضعية النقل الحضري بالقنيطرة،وخاصة قطاع الحافلات،نظرا لاستفحال أزمته إلى درجة لم يعد يستجيب لمتطلبات الساكنة المحلية في أدنى الشروط الممكنة،مما أثقل كاهل الأسر ومختلف الفئات التي تعاني من الهشاشة،من خلال لجوئها إلى وسائل بديلة،ومكلفة ساهمت في تفاقم أوضاع قدرتها الشرائية المتدنية أصلا بفعل غلاء الأسعار،وارتفاع تكاليف المعيشة.
2-إن أزمة النقل الحضري ساهمت أيضا في تنامي الاختيارات الفردية،واضطرار بعض الأسر من ذوي الدخل العادي والمتوسط إلى القروض لاقتناء السيارات أوالدراجات النارية…)،وانعكاساتها السلبية،ماديا،بسقوط البعض في دائرة المديونية المفرطة،وبيئيا،بارتفاع نسبة الثلوت وانبعاثات الغازات الدفيئة،وعلى واقع وضعية السير والجولان داخل المدينة،وذلك على حساب مزايا العرض الجماعي(الحافلات…) في قطاع النقل والتنقل،كما ساهم في تفاقم أزمات الأسر،وتزايد أعداد الفئات الهشة،واتساع نسبة الفقر على المستوى المحلي والجهوي.
3- إن الجمعية المغربية لحماية وتوجيه المستهلك تنتظر انخراط الجهات المعنية كافة في إصلاح هذا القطاع،والإسراع في وضع الحلول الكفيلة بتجاوز كل العقبات،حفاظا على السير العادي لمصالح الساكنة،وعلى أمن واستقرار الأوضاع.
4-إن القوانين المتعلقة بعقود التدبير المفوض،وفتح المجال أمام المستثمرين الخواص للاستثمار في قطاع المرافق العمومية الحضرية ينبغي أن يحرص على صيانة حقوق المستهلكين المضمونة،وعلى المبادئ الجوهرية لطبيعة،وخصوصية المرفق العمومي ،والمثمثلة أساسا في ضمان الاستمرارية،واعتماد معايير في جودة الخدمات المقدمة،وتيسير ولوج عموم المستهلكين بأسعار معقولة ومناسبة.
5- الحرص على وضع حد لجشع الخواص،وبحثهم عن الربح السريع واللامشروع.
6-ضمان مبادئ الشفافية،والوضوح،وشروط المنافسة الشريفة،والمشروعة،ومحاربة مظاهر الاحتكار،على حساب المصالح الاقتصادية للمستهلك.
7- تفعيل مبادئ وثقافة حقوق المستهلك وحماية مصالحه الاقتصادية من خلال اعتماد تمثيلية حقيقية ووازنة لجمعيات حماية المستهلك ضمن الهيئات الاستشارية في إعداد وإنجاز مخططات التنمية المحلية.
8- اعتماد منهجية جماعية تشاركية تسهر على الاضطلاع بأدوار الوساطة بين الجماعة الحضريةوالمورد والمستهلك،تفاديا للإصطدام المباشر بينها.
9- فتح نقاش محلي بغية إعداد مخطط استراتيجي لإصلاح المرافق الجماعية،وتحقيق جودة خدمات المرفق العمومي،وخاصة في القطاعات الحيوية،كالنقل والصحة والتعليم… والتي تعد بمثابة الحبال الناظمة لعلاقات الجماعة الحضرية بالمواطن،وشرطا من الشروط الدنيا لوجودهما المادي.
10- أما على المستوى الوطني،فينبغي إعادة ترتيب أدوار الدولة،لأن اقتصارها على التقنين والمراقبة،كما تروج له الليبرالية المتوحشة في الوقت الراهن أتبث محدوديته،وساهم في إضعاف سلطة الدولة أمام سلطة الخواص الذين يسعون إلى التحكم في مصير البلاد كما ظهر في العديد من التجارب في الدول النامية،والتي سرعان ما اكتشفت أن سياسة التخلي عن المرافق العمومية،وبالتالي عن المواطن، جعلها دولة من دون مواطنين.
المصدر : https://translogisinfo.com/?p=4070