ارتفعت أسعار شحن الحاويات إلى مستويات قياسية بعد نحو 18 شهرا من تفشي الجائحة.
سجلت التجارة العالمية تحسنا كبيرا يفترض أن يكون أكبر خلال العام الحالي مدفوعا بالانتعاش الاقتصادي، الذي أدى إلى زيادة تكلفة الواردات، ولا سيما النقل البحري، حسب دراسة أجرتها مجموعة أويلر هيرمس نشرت أمس.
وعلى مدى العام، يتوقع أن تسجل التجارة الدولية نموا 7.7 في المائة، في الحجم و15.9 في المائة، في القيمة بعد انخفاضها 8 و9.9 في المائة، على التوالي، حسب توقعات شركة التأمين والائتمان.
ووفقا لـ”الفرنسية”، أوضحت الدراسة أن “إعادة فتح الاقتصادات في أوروبا والولايات المتحدة يؤدي إلى زيادة قوية في الواردات من آسيا لهاتين المنطقتين، ما يدعم بقوة التجارة العالمية من حيث الحجم”.
إضافة إلى الزيادة في الطلب، تواجه الشركات ضرورة تجديد مخزوناتها، التي استنفدت إلى حد كبير العام الماضي عندما توقفت التجارة تقريبا بسبب الوباء.
ونتيجة لذلك يواجه قطاع نقل البضائع، ولا سيما الشحن البحري، صعوبة في تلبية الاحتياجات، ما يؤدي إلى نقص في الحاويات، وزيادة في تكاليف النقل، ويؤدي ذلك إلى ارتفاع في قيمة المبادلات تتجاوز الزيادة في حجمها.
وتواجه بين 60 و65 في المائة، من الحاويات تأخيرا في التسليم منذ بداية العام الحالي في مقابل نحو 20 في المائة، قبل الأزمة، وهذه الظاهرة تغذي نفسها بنفسها، حسب الشركة نفسها.
وقالت “أويلر هيرمس” إن “الزيادة المفاجئة في الأسعار تجبر الشركات على تغيير استراتيجيات إدارة المخزون، وبالتالي فهي تنتقل من نموذج “في الوقت المحدد” إلى نموذج “في حال حدث شيء ما”، الذي يلزمها بشراء سلع وسيطة بشكل متسرع لتحمي نفسها من زيادات جديدة محتملة في الأسعار.
وتواجه الشركات الأوروبية، خصوصا صعوبات لأن مخزوناتها كانت أقل من تلك الخاصة بمنافساتها الأمريكية أو الآسيوية. والأكثر تضررا هي القطاعات، التي تكون فيها إدارة المخزونات أصعب، مثل السيارات والنسيج، وتوقعت الشركة أن تستمر الضغوط على الكلفة حتى 2022 مع استمرار نمو التجارة العالمية.
وارتفعت أسعار شحن الحاويات إلى مستويات قياسية بعد نحو 18 شهرا من تفشي جائحة كوفيد، التي عطلت سلاسل الإمداد، وزادت الطلب على الشحن البحري بشكل كبير جدا.
وقال آلان مورفي رئيس شركة “سي إنتليجنس” الاستشارية “نفتقر بشكل أساسي إلى السفن والحاويات الفارغة”. وأضاف في تصريحات سابقة “هناك نقص هائل في الحاويات الفارغة، فهي موجودة في المكان الخطأ وعالقة في موانئ بعيدة وغير متوافرة في آسيا” لتحميلها بالبضائع.
وتضاعف مؤشر بورصة البلطيق في لندن للشحن البحري، الذي يرصد بالتعاون مع مجموعة فرايتوس في هونج كونج أسعار نقل حاويات الـ 40 قدما عبر 12 خطا بحريا رئيسا، أكثر من ثلاث مرات خلال عام ليصل إلى نحو سبعة آلاف دولار لنقل حاوية من الصين إلى الساحل الغربي للولايات المتحدة. أما تكلفة نقل حاوية إلى أوروبا فقد وصلت إلى عشرة آلاف دولار، مقارنة بـ 1600 دولار فقط في الفترة نفسها العام الماضي.
وأشار مورفي إلى أن هذا الوضع غير المسبوق ضاعف من الصعوبات، التي شهدها القطاع في الأعوام العشرة الماضية، التي كانت “سيئة للغاية لخطوط الشحن”. ولفت إلى أن الطاقة الفائضة في القطاع جعلت شركات الشحن تخسر المال في كل مرة تنقل فيها حاوية”.
ومن أجل تجنب سيناريوهات اقتصادية سيئة، قال محافظ ، أندرو بيلي، البنك المركزي البريطاني إنه يتعين على وزراء مالية مجموعة العشرين على تبني سياسة “الانفتاح القوي” للسماح باستمرار تدفق التجارة العالمية.
ونقلت وكالة “بلومبيرج” للأنباء عن بيلي قوله إن سلاسل الإمداد الخاصة بالشركات تعتمد على الحدود المفتوحة والتدفق الحر للسلع والخدمات، للعمل بكفاءة.
وتأتي تصريحات محافظ بنك إنجلترا على خلفية التراجع الحاد، غير المتوقع، في وتيرة تعافي الاقتصاد البريطاني نتيجة نقص الرقائق الإلكترونية، وهو ما تسبب في أحد أكبر أشكال التراجع في ناتج الصناعات التحويلية على الإطلاق.
وأدلى بيلي بهذه التصريحات خلال جلسة نقاش استضافتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية حول كيفية تعزيز الإنتاجية، وهي قضية قال إنها مهمة للتعافي من وباء فيروس كورونا المستجد المسبب لمرض (كوفيد 19).
وعلى الرغم من دعوة بعض الساسة، وبينهم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب، إلى فرض قيود تجارية إلى جانب تدابير إغلاق لمكافحة تفشي فيروس كورونا، يرى بيلي أن الانفتاح بالنسبة للتجارة أمر بالغ الأهمية للتعافي.
ويضيف بيلي: “من المهم أن يستمر هذا التغيير، ورفع معدل النمو المحتمل لأن ذلك سيكون له فائدة مهمة للغاية في كيفية إدارة الزيادة الكبيرة جدا في عبء الديون الناجمة عن تفشي وباء كورونا بالنسبة للشركات والحكومات”.
وأوضح بيلي أن المملكة المتحدة استفادت من الانتشار السريع للتكنولوجيا الرقمية خلال فترة تفشي الوباء، وهو ما يجعل الاقتصاد البريطاني أكثر كفاءة، مشيرا إلى أن هذا الاتجاه واضح بشكل خاص في مجال تجارة التجزئة، حيث يتسوق المستهلكون عبر الإنترنت عوضا عن الذهاب للمتاجر أثناء فترة الإغلاق، وستستمر بعض هذه التغييرات بعد انتهاء الجائحة.
واختتم بيلي تصريحاته قائلا إن صانعي السياسة في بنك إنجلترا المركزي يعملون على استيعاب العلاقة بين الأتمتة (التشغيل الآلي) والإنتاجية وأسعار الفائدة المتوازنة.
بدوره دعا هايكو ماس، وزير الخارجية الألماني إلى تعزيز التوجه الجيوستراتيجي المتعلق بسياسة التجارة الخارجية للاتحاد الأوروبي.
وقال ماس في تصريحات لصحيفة “هاندلسبلات” الألمانية الصادرة أمس، قبل انعقاد مجلس وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الإثنين المقبل: “هذا الموضوع سيكون على رأس جدول الأعمال السياسي”.
وبحسب معلومات الصحيفة، يعتزم وزراء الاتحاد الأوروبي دعوة المفوضية الأوروبية إلى تقديم قائمة بمشاريع بنية تحتية “ذات تأثير كبير ورؤية” في غضون تسعة أشهر. ويمكن أن تشمل هذه القائمة مشاريع تخص السكك الحديدية والبيانات وخطوط الكهرباء في إفريقيا أو آسيا.
ووفقا للبيانات، فإن الأمر يتعلق بتنويع سلاسل التوريد و”تقليل التبعيات الاستراتيجية”، والمشروع موجه في المقام الأول ضد النفوذ المتزايد للصين، التي تستثمر على المستوى الدولي في مشاريع بنية تحتية من خلال مبادرة طريق الحرير.
وقال ماس لـ “هاندلسبلات” إن هذه الحملة تعد “مكونا حاسما للقدرة التنافسية الجيوستراتيجية للاتحاد الأوروبي، لأن هذه القضية تساعد على تحديد المفهوم الجيوسياسي الذي سيسود: هل سيكون نموذجا هرميا أم نظاما شفافا وحرا نؤيده بصفتنا الاتحاد الأوروبي”.
وذكر ماس أن جميع البلدان “تواجه التحدي المتمثل في بناء بنية تحتية فعالة وذكية وخضراء ومستدامة”، مضيفا أنه يتعين هنا على الاتحاد الأوروبي أن يقدم عروضا للدول الناشئة والنامية.
“الاقتصادية” من الرياض
المصدر : https://translogisinfo.com/?p=10765