تستخدم شركات صناعة السيارات لتصميم منتجاتها وتحسينها مجموعة واسعة من إمكانيات التحليل، بما في ذلك القدرات الميكانيكية والحرارية وعقود الفروقات والكهرومغناطيسية وغيرها من الوسائل التي تحدد مدى نجاح الطراز.
وفي السنوات الخمس إلى العشر الماضية، ومن وجهة نظر التصميم، لوحظ أن الشركات المصنعة تقوم بإدخال وتسريع كمية المحتوى الرقمي في السيارة، مما يؤدي إلى تقارب التصميم الميكانيكي الكلاسيكي وتصميم المواد مع تصميم البرامج.
وبهذا، شهد القطاع تكاملا أكبر بين تصميم السيارات والتصنيع، وكل ذلك مدفوع بالصناعة 4.0 والذكاء الاصطناعي. ويأتي هذا في الوقت المناسب أيضا لأن بعض الشركات تشعر بالضغط لتسليم الطرز الحديثة بشكل أسرع من أي وقت مضى.
وأطلقت الميزات الجديدة بفضل التكنولوجيا العنان للتقنيات الهندسية من الجيل التالي التي باتت ممكنة عبر المحاكاة السحابية الأصلية بحيث تستمر بيانات النموذج والمحاكاة بطريقة يمكن الوصول إليها على الفور للذكاء الاصطناعي والتصميم التوليدي وسير عمل التحسين.
ويتضمن ذلك ميزة محاكاة الذكاء الاصطناعي ذات القدرة الكاملة والتي تتواجد جنبا إلى جنب مع أدوات حل الفيزياء الخاصة بها وتتوقع استخدام جميع البيانات من المحاكاة في تدريب الذكاء الاصطناعي والاستدلال لتسريع التقارب السريع للتصميم في السحابة.
ونشرت منصة ييل انسايتس الأميركية دراسة حديثة أعدها أليكس بيرناب الأستاذ في جامعة ييل سوم الأميركية تتطرق إلى أن التعلم الآلي بإمكانه تحديد النماذج الواعدة ومساعدة المصممين على إنشاء تصميمات جديدة لتكرار أفكارهم بسرعة أكبر.
وبالنسبة للمصنعين، فإن المظهر هو أكثر بكثير من مجرد تزيين النوافذ، حيث تتمثل عناصر التصميم في أبعاد شكل الجسم ولونه، بالإضافة إلى العناصر الأكثر دقة مثل التفاعل بين المصابيح الأمامية والشبكة والمصد الذي يشكل “وجه” السيارة.
ومع ذلك، فإن تصميم نموذج جديد يستغرق وقتا طويلا ومكلفا للغاية، كما يقول بيرناب، وقد رأى من خلال عمله في أبحاث المنتجات في شركة جنرال موتورز عملية تطور المركبات من الرسومات الأولية إلى عروض الصور ثنائية الأبعاد إلى نماذج الطين.
ورأى بيرناب الكم الهائل من الوقت والمال الذي تم إنفاقه تصب الشركات في خط أنابيب التصميم هذا. ويوضح قائلا “في المتوسط، يستغرق الأمر ما يصل إلى خمس سنوات وحوالي 3 مليارات دولار لتطوير إعادة تصميم أو نموذج جديد”.
وهذا الأمر جعله يتساءل عما إذا كان التعلم الآلي يمكن أن يساعد في تبسيط هذه العملية وتعزيزها قائلا “هل يمكننا أن نفعل ذلك بشكل أفضل وأسرع وأرخص؟”.
ويتكون نموذج التعلم الآلي الذي طوروه من عنصرين، أحدهما يمكن أن يمكّن المصممين من تجربة مفاهيم التصميم الجديدة بشكل أكثر مرونة، والآخر يمكن أن يساعد المسوقين على اختيار المكان الذي يركزون فيه جهودهم.
وفي نهاية المطاف، ونظرا للتكلفة الهائلة لإنتاج نموذج مركبة بالحجم الطبيعي، لا يستطيع باحثو المنتجات والسوق ببساطة اختبار لنماذج أولية مختلفة لمعرفة أي منها يتردد صداها بشكل أفضل مع المستهلكين المحتملين.
ويشير بيرناب إلى أن السيطرة والواقعية عنصران “يأتيان في مقايضة من وجهة نظر التعلم الآلي وعلى الرغم من أن الواقعية مهمة، إلا أن الأهم هو أن تكون “حقيقية بدرجة كافية”، ولكن يمكن التحكم فيها تماما.
ويضيف “التصميم هو عملية إبداعية في الأساس تستمع إلى السوق ولكنها أيضا توجه السوق نفسه بشكل داخلي”. من المحتمل أننا حاليًا في مرحلة الذكاء الاصطناعي حيث من المرجح أن تكون من الأكثر فعالية زيادة وتحسين كيفية تنفيذ سير العمل الحالي، وليس استبداله بالكامل.
وبالنظر إلى كل العمل التمهيدي المطلوب لتطوير التصاميم وتجسيدها، تنفق الشركات حتما مبالغ ضخمة من المال والقوى العاملة لتطوير التصاميم التي تسقط مع مجموعات التركيز ثم يتم إلغاؤها.
وأثناء العمل مع فرق التصميم، رأى بيرناب فرصة للذكاء الاصطناعي لتحسين هذه العملية. ويوضح أن الفكرة تتكون من جزأين، الأولى، تدريب خوارزمية للتنبؤ بكيفية تقييم مجموعة التركيز البشرية لتصميم معين، مما يسمح بإزالة المفاهيم الأقل قابلية للتطبيق.
أما الجزء الثاني من الفكرة فيتعلق باستخدام الخوارزمية أيضا لإنشاء أساليب جديدة لمساعدة المصممين على استكشاف مساحة التصميمات الممكنة بشكل إبداعي.
ولبناء الخوارزمية، أنشأ الباحثون شبكة عصبية عميقة لتحديد كيفية ترجمة ميزات الصورة إلى تقييمات، وقد زودتهم جنرال موتورز بنحو سبعة آلاف صورة لقرابة 203 مركبات.
وبالإضافة إلى ذلك، هناك تقييمات المستهلكين من مجموعات التركيز حيث تم تقييم تلك المركبات، والتي يمكنهم استخدامها لتدريب الشبكة العصبية.
ولكن كانت هناك بعض العقبات الرئيسية، حيث لم تكن الصور المتاحة كافية تقريبا لتدريب الآلة على التنبؤ بشكل موثوق ودقيق بكيفية ترجمة صور التصميمات إلى تقييمات بشرية.
ولمعالجة هذه المشكلة، عزز بيرناب وزملاؤه بيانات التدريب الخاصة بهم باستخدام مجموعة منفصلة مكونة من 180 ألف صورة غير مصنفة.
ومع وجود الكثير من البيانات، تكافح الخوارزميات لتحديد الميزات المهمة وأيها لا يهم. ولحل هذه المشكلة، قام الفريق بتطوير خوارزمية تشفير جديدة تعمل على اختصار كل صورة إلى حجم أكثر قابلية للإدارة دون فقدان الميزات الرئيسية.
ومن خلال تعزيز بيانات التدريب وترميزها بهذه الطريقة، تمكنت الشبكة العصبية للباحثين من رسم روابط ذات معنى بين سمات السيارة وتقييمات مجموعة التركيز.
وبعيدا عن التنبؤ بتقييمات المستهلكين، فإن الخوارزمية موجهة نحو إنشاء تصميمات مفاهيمية “جديدة للعالم” يمكن أن تعزز عملية تصميم السيارة.
وغالبا ما يتعرض المصممون لخطر “تثبيت التصميم”، حيث يتم استكشاف مجموعة فرعية ضيقة فقط من مفاهيم التصميم المحتملة والتركيز عليها.
ويقول بيرناب إن الفكرة هي إعطاء المصممين أداة تعمل على تحسين كيفية تطوير المنتجات من خلال السماح بالاستكشاف والحصول على تعليقات مبكرة حول القبول المحتمل في السوق.
وفي حين أن الكثير من أدوات الذكاء الاصطناعي الحالية يمكنها التقاط مجموعة من الصور وإخراج صور جديدة متشابهة بصريا، فقد سعى بيرناب وزملاؤه إلى المضي قدمًا، من خلال بناء محرك جيل يتضمن مدخلات حية من المصممين البشريين.
وتركز معظم التطورات في التعلم الآلي في هذا المجال على إنشاء صور تبدو واقعية قدر الإمكان. وقد تبين من خلال التجارب أن هذا ليس هو الحاجة الفعلية للمصممين، حيث لم يكن الهدف هو التقاط صور سيارات جميلة المظهر.
وبدلا من ذلك، كان الهدف هو منح المصممين سيطرة أكبر على المخرجات، لتوفير مقابض ضبط مختلفة لضبط العناصر المهمة بالفعل للمصممين.
«العرب» اللندنية
المصدر : https://translogisinfo.com/?p=15451