السيارات الكهربائية بإيطاليا ..طموح الريادة تعيقه تحديات جسيمة
–و.م.ع _ بقلم : سهام توفيقي–
روما – في ظل التطور المتسارع الذي تشهده صناعة السيارات الكهربائية حول العالم، تسعى إيطاليا إلى التربع على عرش السوق الأوروبية للسيارات الخضراء، من خلال على الخصوص اعتماد خطط تحفيزية ومبتكرة، لكن طموحها يصطدم بتحديات جسيمة، رغم التطور التقني والتكنولوجيات الهندسية التي ابتكرت أفضل المحركات وأكثرها مرونة وقوة.
وتتمثل أبرز التحديات التي تعيق مستقبل سوق هذه السيارات بهذا البلد الأوروبي في توفير بطاريات بسعر أقل ولمسافات أطول ومحطات شحن أكثر انتشارا في مختلف أنحاء البلاد، وجعل المستهلكين مقتنعين بجدوى السيارات الكهربائية.
والواقع، أن البطارية باتت المعركة الفاصلة للسيطرة على سوق صناعة السيارات الصديقة للبيئة، بعد أن أصبح الشغل الشاغل للشركات كيفية إيجاد حلول لإطالة عمر البطارية.
كما أن قلة محطات الشحن تشكل العائق الأكبر لشراء سيارة كهربائية، إذ يخشى ستة من أصل عشرة إيطاليين تقريبا من عدم وجود نقاط إعادة الشحن كافية ، لاسيما في الأماكن التي يتم التردد عليها ، إضافة إلى ضعف التحفيزات الاقتصادية.
وأظهر استطلاع للرأي شمل عينة تضم 100 ألف مستهلك أوروبي أن إيطاليا تحتل المرتبة الأولى من حيث عدد المشترين للسيارات الخضراء بنسبة 60 في المائة، لكن بالنسبة لخبراء اقتصاديين يظل ذلك غير كاف لكسب رهان الريادة والتميز في ظل نقص البنيات التحتية الخاصة بعربات صديقة للبيئة وارتفاع تكاليفها.
وبحسب هؤلاء الخبراء فإن الاقتراحات الكفيلة بتوسيع نطاق استعمال السيارات الخضراء أكثر تتمثل في تقديم تحفيزات متنوعة لشراء سيارة كهربائية، ثم التزام الحكومة “بتثبيت محطات شحن في مواقف السيارات بجميع المحلات التجارية الكبرى.
وأبرزوا أن زيادة عدد محطات الشحن على الطرق السريعة من شأنه تبديد المخاوف و الضبابية المحيطة بصناعة السيارات الكهربائية، وذلك بمساعدة الاتحاد الأوروبي و التعاون بين الدول التي تريد التخلص في أسرع وقت ممكن من العربات التي تعمل بالديزل.
و من أجل التغلب على هذه العقبة، تم في نهاية عام 2019 ، إنشاء 9.100 محطة شحن عمومية في إيطاليا، مسجلة بذلك زيادة نسبتها 170 في المائة ، مقارنة بعام 2018 ، في حين أن محطات الشحن الخاصة تتراوح ما بين 17000 و 20.000 إلى حدود اليوم ، تم تركيب 8 آلاف منها العام الماضي فقط.
ووقعت وزارة البيئة الإيطالية مذكرة تفاهم مع شركة (إنيل) العالمية المنتجة والموزعة للكهرباء والغاز، و التي مكنت من تركيب 250 محطة شحن في العديد من مواقف السيارات بمختلف أنحاء إيطاليا.
هذه الجهود بدأت تعطي ثمارها، إذ ارتفعت عمليات تسجيل السيارات الكهربائية بنسبة 155 في المائة منذ يناير 2020 ، على الرغم من الانهيار العام لقطاع السيارات بسبب وباء فيروس كورونا ، لكن الأهداف المحددة للسنوات العشر القادمة لا تزال بعيدة، بحسب تقرير للمعهد الإيطالي للطاقة والبيئة.
وأبرز خطة تبنتها الحكومة الإيطالية لبلوغ هذه الأهداف، هي تلك المتعلقة بتسويق أكثر من 5 مليون سيارة كهربائية في البلاد وأضعاف هذا الرقم في أوروبا، وهو ما قد يكلف الدولة تحفيزات قدرها 10 مليارات دولار.
كما أعلنت عمدة العاصمة روما فرجينيا راغي عن قرار حظر السيارات التي تعمل بالديزل ابتداء من عام 2024، وعلى نفس الخطى تمضي مدن إيطالية في وضع مخططات من أجل مستقبل خال من الديزل، من بينها ميلانو و فيرونا.
وبالموازاة مع جهود إيطاليا، قررت المفوضية الأوروبية بناء 180 محطة لشحن السيارات الكهربائية على أراضي ثماني دول بأوروبا ، إذ بفضل هذه الشبكة الجديدة من محطات الشحن ستتمكن السيارات الخضراء من عبور القارة من شمال النرويج إلى مضيق “ميسينا” جنوب إيطاليا من دون أي انقطاع في الطاقة الكهربائية.
و من المتوقع أن يكون عدد محطات الشحن الكهربائية على الطرقات الأوروبية السريعة 180 محطة، وستبلغ المسافات بين المحطة والأخرى ما بين 120 إلى 180 كيلومترا بقوة شحن كهربائي تصل إلى 150 كيلوواط في كل محطة، مع إمكانية رفعها إلى 360 كيلوواط تدريجيا.
تزايد الإقبال على السيارات الخضراء والرغبة في اكتشاف مزاياها و عيوبها ، خلق أيضا نقاشا علميا دوليا ، ازدادت معه الحاجة إلى تعميق البحث و الدراسات حول مدى صحة أثرها البيئي الإيجابي و كيفية التخلص من البطاريات التي يعمل بها محركها و العمر الافتراضي لهذه السيارات التي تتسابق الدول على ريادتها، لكونها تبشر بمستقبل واعد وبإحداث ثورة جديدة وصديقة للبيئة في عالم النقل والتنقل
المصدر : https://translogisinfo.com/?p=9030